يقف محمود عباس ورئيس وزرائه سلام فياض عاجزين عن توفير المال الكافي لصرف رواتب جيش موظفيهم العرمرم، فيضطر الأخير لسوق تبريرات واهية لهذا، والحجة الجاهزة دائماً غزة، فهي كما يدعون تستنزف أكثر من نصف ميزانيتهم.
حولت اتفاقية أوسلو اللعينة نسبة كبيرة من شعبنا الفلسطيني إلى متسولين، فجزء عاطل عن العمل محاصر، ينتظر وكالة غوث اللاجئين لتحن عليه وتقدم له ولأطفاله العون لئلا يهلكوا، وآخر يعمل في مكاتب السلطة أو في أجهزتها الأمنية رافعا كاهل الاحتلال ومصروفاته الباهظة عن ظهر إسرائيل، ينتظر الدول المانحة لتتعطف وتتكرم فتقدم له راتباً شهرياً يوفر له ولأسرته بعضا من مستلزمات الحياة.
لقد اثبتت حرب غزة فشل فرضية العجز والاستسلام للعدو الصهيوني، فها نحن نرى التفافاً شعبياً ورسمياً حول خيار المقاومة في طول العالم وعرضه، و نلحظ دعماً مادياً ومعنوياً هائلاً لكل من يتبناه، ونرى انحساراً واسعا ً لخيار التفاوض والعجز على الصعيدين السياسي والاقتصادي، ناهيك عن الشعبي؛ استطاعت حكومة هنية صرف رواتب موظفيها تحت نيران الطائرات والدبابات والبارجات الصهيونية، أما موظفو فياض فها هم يضربون عن العمل طلباً لراتب ينتظرونه على أحر من الجمر منذ مطلع هذا الشهر.
إن فتح مطالبة بأن تراجع مواقفها وسياساتها التي لم تجلب للشعب الفلسطيني إلا المذلة والمهانة، ولم تحقق لنفسها إلا التراجع والانحسار، فهل ستسمح قيادتها التي أكل عليها الدهر وشرب أن تفعل هذا! فالمصالح الشخصية لرموزها المهترئة ولجيش المستشارين المحيط بزعيمها أهم لديهم من هذه الحركة ومن تاريخها الذي يتم التفريط به؛ وهل سيقف سلام فياض ووزراؤه مكتوفي الأيدي والعديد من المراقبين يتهمونه باختلاق هذه الأزمة وتضخيمها لإجهاض المصالحة المرجوة بين حماس وفتح، فهو كما يقولون يذكر عباس بأن وجوده ووجود سلطته مرهون برضا إسرائيل وأمريكا و بملايين الدول المانحة.
هنا يبرز دور رجال فتح الحقيقيين، فتح أبو علي إياد و سعد صايل وخليل الوزير وثابت والكرمي؛ إنهم مطالبون بأن يعيدوا قطار حركتهم العظيمة إلى سكته الطبيعية، سكة النضال و المقاومة، سكة "ثورة حتى النصر" فهل هم قادرون على ذلك !!